بروفيسور/ أبكر عبدالبنات آدم إبراهيم

 المدير السابق لجامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم- السودان.

Abaker2012@live.com

00249912610599

الملخص

تتناول الدراسة أسس البحث العلمي بين المنهجية والتطبيق، فالمتأمل لواقع البحث العلمي العربي يلاحظ مدى الفجوة الواسعة بينه وبين المستوى البحثي والأكاديمي في كثير من الدول المتقدمة، فلا توجد مقارنة بين الدول العربية  والدول الغربية  في مجال البحث العلمي بشقيه الصناعي والتكنولوجي، هذا فضلاً عن المعوقات الموضوعية وغير الموضوعية التي تحول دون رقي الأمة العربية والإسلامية إلى مستوى الدول المتقدمة وبطبيعة الحال هذا يتطلب الاهتمام بفلسفة تناول مناهج البحث العلمي في كافة فروع المعرفة المختلفة، وهذا ما يطلق عليه مناهج البحث في العلوم الغرض منها الوصول إلى الحقائق العلمية، ثم استخلاص المبادئ العامة والملاحظات التفسيرية لمعرفة أنماط البحث العلمي على الجانبين التحليلي والتطبيقي… وغيرها.

الكلمات المفتاحية: البحث العلمي- المناهج- الأوراق العلمية- عناصر- كتابة.

 

The Foundations of scientific research between methodology and application

Professor/ Abker Abdelbanat Adam Ibrahim

Former Director of the University of the Holy Quran and the Origination of Sciences – Sudan

Abstract

The study deals with the foundations of scientific research between methodology and application. The contemplator of the reality of Arab scientific research notices the extent of the wide gap between it and the research and academic level in many developed countries. There is no comparison between Arab countries and Western countries in the field of scientific research, both industrial and technological, in addition to objective obstacles. And subjectivity prevents the advancement of the Arab and Islamic nationationshe level of developed countries, and of course, this requires attention to the philosophy of dealing with scientific research methods in all different branches of knowledge, and this is what is called research methods in sciences whose purpose is to reach scientific facts, then extract general principles and explanatory notes To know the patterns of scientific research on the analytical and applied sides… and others.

Keywords: Scientific Research – Methodology – Scientific papers – elements – writing.

 

مقدمة

البحث العلمي كعمل إبداعي يقوم به العلماء للمزاوجة بين الظواهر الطبيعيّة والعقلانيّة للوصول إلى معلومات جديدة يمكن أن تسهم في خدمة المجتمع. أو فهم الظواهر الخفية في كثير من المجالات الاجتماعيّة، والثقافية والسياسيّة والاقتصادية… وتفسيرها وتحليلها للوصول إلى حقائق علمية يمكن أن تسهم في حل قضايا الإنسانية بصورة واقعية، كما أنّه يدعو لفهم الظواهر المستقبليّة بناءً على المعطيات الراهنة، وتجنب كل السلبيات التي قد تقع في الزمن القريب.

مشكلة الدراسة: رغم التطور المعرفي في البحث العلمي، إلا أن هنالك عدة تحديات تواجه الباحثين في كتابة الأوراق العلمية، وهنا يظهر عدم الالتزام بالتفكير العلمي في نقد الأحداث التي تسهم في حل المشكلات التي تواجه المجتمع، كذلك عدم إلمام بعض الباحثين بمعايير وأسس كتابة الأوراق البحثية؛ هذا بالإضافة إلى غياب التنسيق الجيد لإخراج الأوراق البحثية التي تسهم في رفع المستوى الإبداعي والفكري للباحثين.

أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في الوصول إلى معلومة الموثوقة ودراسة القضايا المعاصرة وفق منهجية علمية واضحة المعالم، وهو من أكثر ما يهمُّ الطلبة والأساتذة الأكاديميين. ولذلك يعد البحث العلمي أداة للكشف عن الحقائق الموضوعية التي تساهم في بناء رأس المال البشري، من خلال بناء أخلاقيات البحث العلمي المستندة على التفكير الإبداعي والابتكاري العلمي والإحصاء والاستطلاع من خلال التفسير الموضوعي لمشكلة البحث.

أهداف الدراسة: تسعى الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:

  1. الكشف عن دور البحث العلمي وتطبيقاته المختلفة في تقدم الحضارة الإنسانية. والتي من خلاله يستطيع كل أمة أن تتغلب على مشاكلها التي تواجهها.
  2. الإلمام بأن البحوث العلمية هو مقياس تقدم الأمم والشعوب.
  3. شرح الأسس التي تساعد في إجراء البحوث العلمية وكيفية قياس المعرفة العلمية في سياق التفسير المنهجي للأحداث.
  4. بناء قاعدة معرفية بمفهوم البحث العلمي ومناهجه.

منهج الدراسة: استخدم الباحث المنهج الوصفي التاريخي والتحليلي للكشف عن أسس البحث العلمي.

مفهوم البحث العلمي: البحثُ العلميScientific Research  هو استقصاءٌ دقيقٌ يهدف إلى اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التحقُّق منها مستقبلاً(بدوي1997م). وقال النشار(1979م:21):” إن البحث العلمي هو وسيلةً للدراسة يمكن بواسطتها الوصولُ إلى حلِّ مشكلة محدَّدة، وذلك عن طريـق التقصِّي الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلَّة التي يمكن التحقُّق منها” وعرَّف ماكميلان وشوماخر البحثَ العلميَّ بأنَّه عمليَّة منظَّمة لجمع البيانات أو المعلومات وتحليلها لغرضٍ معيَّن (فان دالين2010م:32). وجاء تعريف البحث العلميِّ في مفهوم توكمان:” بأنَّه محاولةٌ منظَّمة للوصول إلى إجابات أو حلول للأسئلة أو المشكلات التي تواجه الأفراد أو الجماعات في مواقعهم ومناحي حياتهم”(شلبي، 1968م:6)، عليه، فالبحث العلمي يمثل الطريقة الممنهجة التي تتبع عدداً من الخطوات المتتالية ابتداءً من معرفة المشكلة وتحليلها وجمع البيانات وتوثيقها بهدف استخلاص جملة من الحلول المنبثقة عن التحليل والمقارنة والإحصاء والمسح(شحاتة، 2001م:12). أيضاً يعتبر البحث العلمي أهم أداة لمعرفة حقائق الكون والإنسان والحياة، خاصة إذا تم استخدامه في اكتساب المعرفة بصورة موضوعية تساعد في تحقيق التنمية المستدامة، كما أنه يسمح للباحث الاطلاع على مختلف المناهج واختيار الأفضل منها؛ لإبراز شخصيته في مختلف مجالات الحياة من حيث التفكير السليم، والانضباط في الاقتباس والإحالة. كذلك يعتمد البحث العلمي على إجراء الملاحظات الموضوعية والتجارب التي تستخدم للتحقق من الفروض الموضوعية لتفسير الظواهر التي تتعلق بموضوع الدراسة، وهنا يجب على الباحث تحديد الظاهرة بشكل أدق حتى لا يحدث خلل ما قد يصعب الحصول على المعلومات التي تحقق أهداف الدراسة، كذلك على المفحوص الاستعانة بالمشرف في تفسير بعض المصطلحات وصياغة الاستبانة التي تساعد الباحث في الإجابة على أسئلة الدراسة.

أهداف البحث العلميScientific Reseaech Objectives  تتنوع أهداف البحث العلمي وفقاً لنوعه وطبيعة النتائج التي يسعى الباحث للوصول إليها، ومنها ما يلي(فاطمة،2012م:12):

* الكشف عن حقائق جديدة: إنَّ استخدام التفكير المنهجي السليم، وتحليل الظواهر والمشكلات، تساعد في ايجاد حلول منطقية تسهم في إثراء المعرفة العلمية، واستنتاج حقائق جديدة. وعلى ذلك يسعى الباحث من خلال إجراء مشروعه للحصول عن تلك الحقائق الجديدة التي لم تكتشف بعد فيأتي البحث العلمي بمنهجية محددة يختبر تلك الحقائق ومتغيراتها للوصول إلى حقائق تساعد في النمو المعرفي.

* الوصف العلمي للحقائق: إن إعداد البحوث العلمية من أهم واجبات أعضاء هيئة التدريس في كافة المؤسسات الأكاديمية والبحثية، وهنا يجب على الباحث أن يكون له إلمام بكافة المراحل التي يساعده في الوصول إلى حقائق علمية ومعرفية ، لذا من الضرورة بمكان أن يهتم بالقراءة المتأنية والمتابعة الدقيقة، والنقد الموضوعي لمحتوى المعلومات التي يتم جمعها، وهنا يجب أن يمتلك الباحث القدرة في تحليل البيانات؛ لمعرفة أوجه التشابه والاختلاف بين الآراء والمفاهيم، بناءً على تحليل أسئلة الدراسة، ومكوناتها الظاهرة والمستترة.

* تقديم حلول منطقية للمشكلات: على الباحث أن يدرك أن موضوع البحث العلمي هو محاولة مستعصية يلجأ إليه للإجابة على أسئلة الدراسة؛ وحلها عن طريق الاستنتاجات أو تحليل للحقائق العلمية، من خلال الملاحظة والقابلة والقياس… وغيرها(أحمد،1993م:43)، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال طرح جملة من الحلول المدعمة بالدلائل العلمية؛ والتجارب الميدانية المؤكدة على جدواها وصلاحيتها.

* الابداع والابتكار: يشكل الابداع والابتكار إحدى أعمدة الجودة الشاملة إذا تم تصميم هيكلة البحث العلمي وفق معايير موضوعية تسهم في بناء القاعدة الفكرية والثقافية للمجتمع، وتلبي حاجة السوق. لذا نرى الشركات أو المؤسسات ذات الجودة العالية هي في مقدمة المؤسسات الأخرى لأنها اتخذت الإبداع والابتكار جزء من فلسفتها في تنمية رأس المال البشري.

* زيادة المعرفة الإنسانية: لا يتطور الإنسان إلا إذا استخدم مهاراته بصورة علمية؛ ولا يستطيع أن ينافس غيره إلا إذا تم تأهيله وتدريبه بشكل يليق بمقام المؤسسة أو المنشأة، ولذلك فإنَّ البحث العلمي هو أداة فعالة لتطوير مهارات الإنسان ومعارفه، ليكتسب المعرفة العلمية الموثقة والمثبتة ميدانياً.

* معرفة المستقبل: إن معرفة المستقبل من خلال التنبؤ العلمي والتحليل الاستباقي للمشكلات ومتغيراتها هي بمثابة تكامل العملية التعليمية والعلمية، ولا يمكن تحقيق فرضية المستقبل إلا من خلال اتباع الباحثين للمناهج والأساليب العلمية التي تحقق ميزان القوة للبحث العلمي من خلال استخدام وسائل وعمليات تشخيص تساهم في التقييم المنطقي والموضوعي للآراء والتعليقات التي تم جمعها(سكوت أرمسترونج وتاد سبيري ،1994م:23).

ومن خلال تلك المعطيات البحثية تقاس حضارات الأمم بمقدار تقدمها في ميادين المعرفة. فالأمة التي لا تهتم بتاريخها لا مستقبل لها. فالأمم المتقدمة بتراثها العلمي والفكري تظهر سماتها في الإيمان بالقيم الوطنية، مما يشجع الدوائر العلمية إلى إنشاء وحدات وأقسام للبحوث العلمية للبحث في القواسم المشتركة التي تحقق الأهداف الكلية للمجتمعات المعاصرة.

مفهوم المنهج العلمي: إن مفهوم المنهج أوسع وأشمل لما تحتويه التربية بعكس المقرر syllabus المشتمل على عنصر واحد من عناصر المنهج الذي يقصد به كمية المعرفة أو المعلومات والحقائق والمفاهيم والأفكار التي يدرسها الطلبة في مواد دراسية اصطلح على تسميتها بالمقررات الدراسية. ويرى آخرون أن المنهج هو مجموع الخبرات التربوية التي تهيئها الجامعة لطلابها بقصد مساعدتهم على تنمية مهاراتهم في العقلية والثقافية والدينية والاجتماعية والجسمية والفنية… نمواً يؤدي إلى تعديل سلوكهم، ويعمل على تحقيق الأهداف التربوية التي بدورها يحقق الأهداف الكلية والجزئية للمناهج الدراسية على ضوء النظامين التكاملي والجزئي.

مفهوم المنهج Curriculum Concept: لغة: مأخوذة من الفعل نهج ينهج نهجاً، ومادّة  نهج أي  نهج الطريقُ نهجاً: وضَح واستبان، ونهج الطريقَ: بيّنه وسلكه، لقوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}(المائدة:48)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما:” شرعةً ومنهاجاً سبيلاً وسنةً”، وتعني في الآية الطريق البيّن الواضح، ويقال: نهج فلان: أي سلك مسلكه وانتهج الطريقَ، والمِنْهاج: الطريق الواضح والخطّة المرسومة، ومنه: منهج الدراسة ومنهاج التعليم ونحوهما، وخطة الدراسة”(مجمع اللغة العربية 1989م:636). وتعود كلمة منهج Curriculum في اللغات الأجنبيّة الحديثة إلى الكلمة اللاتينيّة”Curare”، إلى حلبة السباق التي يتنافس فيها المتنافسون للوصول إلى نقطة الفوز بالمعرفة العلمية باستخدام التجربة والتطبيق (عميرة،1991م:29).

أما اصطلاحا: هو عبارة عن مجموعة من الخطط والنظم التي تؤلّف وحدة كبيرة تهدف إلى نقل الطالب من مرحلة إلى أخرى عبر سلسلة من الإرشادات والمعارف والمهارات والإبداعات”(هوانة،1988م:32). بينما يرى آخرون أن تعريف المنهج أوسع وأشمل، يشمل العمليات التعليمية التي ترتبط بالعملية الاتصالية.

أنماط المناهج العلمية: تتعدد وتتنوع مناهج البحوث العلمية كل حسب التخصص، وهي على النحو التالي:

* المنهج التاريخي Method Historical: يعتمد المنهج التاريخي على التوثيق والتفسير للحقائق؛ من خلال تتبع الأحداث التاريخية، على أن يُخضع البيانات والأدلة التاريخية للتحليل النقدي للتعرف على أصالتها وصدقها؛ من أجل فهم الماضي والحاضر والتخطيط للمستقبل. فالبحوث التاريخية التي تتحدث عن الأحداث والشخصيات يجب أن يلتزم فيه الباحث بعرض المادة التاريخية عرضاً موضوعياً بعيداً عن الأسلوب الأدبي من حيث المبالغة والتهويل والربط غير الموضوعي للأحداث. فالمنهج التاريخ لها أهميتها في البحث العلمي، حيث يتم فيه دراسة مفصلة لتاريخ الظاهرة ومحاولة معرفة الأدلة والوقائع التاريخية التي أدت لوقوع تلك الظاهرة، ومن ثم معرفة الحقائق التاريخية؛ بناءً على تحديد حدوث تلك الظاهرة، ومحاولة تعميمها على غيرها من الظواهر التاريخية المختلفة بغرض الوصول إلى النتائج التي يمكن من شأنها تساعد على حل المشكلة.

* المنهج التحليلي Analytical Method: يقوم المنهج التحليلي على تفكيك الظواهر العلمية من خلال تركيب أو تقويم الأحداث بصورة غير نمطية، بغرض إرجاع العناصر الأولية إلى أصولها الصحيحة. أيضاً يقوم المنهج بدراسة طبيعة ووظائف العلوم وفق المعطيات المتوفرة لدي الباحث. وهنا يحتاج الباحث إلى أدوات تحليل البيانات ومناقشاتها للحصول إلى نتائج تحقق أسئلة وفرضيات الدراسة.

* المنهج الوصفي Descriptive Method: يعتمد المنهج الوصفي على دراسة الظواهر المعينة، ويعبّر عنها بالكيف والكم، ويوصف الخصائص من خلال إعطاء كل وصف رمزه الذي يوضح مقدار الظاهرة؛ وحجمها ودرجة ارتباطها مع الظواهر الأخرى. فالمنهج الوصفي يقوم على استقراء الحدث في قضية ما؛ على أن يعرض عرضاً منهجياً. أيضاً يقوم على وصف الظواهر الطبيعية والاجتماعية والإنسانية، للوصول بذلك إلى إثبات الحقائق العلمية. فالمنهج الوصفي مكمل لمنهج الاسترداد التاريخي الذي يصف الظواهر في الماضي والحاضر لبناء المستقبل(أمجد، بدون تاريخ:22). ولهذا فالمنهج الوصفي يشمل كافة المناهج الأخرى باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي، ذلك لأن عملية الوصف والتحليل للظواهر تكاد تكون مسألة مشتركة في كافة أنواع البحوث العلمية. فالباحث حينما يستخدم المنهج الوصفي، لا يقوم بحصر الظواهر ووصفها جميعها، وإنما يقوم بانتقاء الظواهر التي تخدم غرضه من الدراسة ثم يصفها ليتوصل بذلك إلى إثبات الحقيقة العلمية.

* المنهج التجريبي Experimental Method: تعتمد المنهج التجريبي في الأساس على قواعد التجربة العلمية لإثبات النتائج والقوانين البحثية، أي أنه يقوم على بناء خطوات محددة للتجربة العلمية. كما ترتكز على الملاحظة العلمية للظاهرة المراد بحثها، أي جمع المعلومات بطريقة تحقق فرضيات الدراسة. وهنا يجب على الباحث توفير كل المعينات اللازمة للتجربة العملية على مستوى الجانبين المادي والبشري. ويقصد بذلك توفر أدوات القياس اللازمة للحصول على نتائج قابلة للقياس والتدقيق، ويمكن تحليلها ومقارنتها واعتمادها في سياق البحث العلمي بمختلف تطبيقاته وفروعه.

* المنهج الاستقرائي Inductive Method : تهدفُ المنهج الاستقرائي إلى جمع المعلومات من خلال البيانات المتاحة، مع تحديد الظواهر التي تختلف في علاقاتها الكلية والجزئية، لذا عُرفُ بأنّه الأسلوب الذي يستخدمهُ الباحث في تعميم دراسته من حيث العموم والخصوص، ومدى ارتباطه بخدمة المجتمع. أي الربطُ بين مشكلة الدّراسةِ ومراحل تنفيذها، كالربط بين فروع علم المقارنة الأديان؛ وعلم الأديان. ويعتمدُ المنهج الاستقرائي على استخدام مجموعة من الاستنتاجات القائمة على الملاحظات والتجارب ومن أهم الأمثلة عليها: المفاهيم والتّعريفات، والنقاط، والمعلومات المُرقّمة، ويعتبرُ من أكثر الأنواع استخداماً في الدراسات الإنسانية، والاجتماعية والاقتصادية… وغيرها.

* المنهج الاستنباطيDeductive Method : يعتمد المنهج الاستنباطي على إعمال العقل والمنطق في استنباط الحقائق العلمية المختلفة بطريقة كلية أو جزئية؛ أو محاولة  ربط مشكلة الدراسة بالنتائج المتوقعة، من خلال تحليل التفسيرات المنطقية للظواهر المختلفة، والتي تساعد في الوصول إلى النتائج المرجوة. كما أنه هو بمثابة الاستدلال من الكل إلى الجزء، حيث يبدأ من النظريات أو المسلمات ثم يتدرج إلى الاستنباط الذي يصدق على الكل، وما ينطبق على الجزء. ويعتمد المنهج الاستنباطي في منهجية البحث العلمي على عدة خطوات ما يلي:

  1. ربط المقدمات بالنتائج.
  2. استخدام المنطق في تفسير الظواهر المراد بحثها.
  3. التدرج من الكل إلى الجزء اعتماداً على التأمل والتفسير والتحقق.

* المنهج المقارن Comparative Method: المقارن: هي المقايسة بين ظاهرتين مختلفتين، ويتم ذلك بمعرفة أوجه الشبه والاختلاف، أي عملية عقلية تتم بتحديد أوجه الاختلاف يستطيع من خلالها الباحث الحصول على معارف تبيّن القواسم المشتركة بينهما. ويقول” دوركايم:” هو الأداة المثلى للطريقة الاجتماعية التي تربط بين حوادث محددة بزمانها ومكانها وتاريخها، يمكن أن تكون قابلة للتحليل والتفسير والتأويل، أو قابلة للحساب”(22:Bailey1968). ويرى الباحث أنّه أحد المناهج الدراسيّة التي تسعى إلى استخراج مفاهيم جديدة من نصوص علمية، أو فهم النص موضوع الدراسة من خلال الاعتماد على وضع مجموعة من المقارنات التي تُبيّنُ نقاط الاتفاق والاختلاف. وتشيرُ بعض المؤلفات في مجال الدراسات المقارنة إلى أنّ تطبيق المنهج المقارن يعودُ إلى الفكر اليونانيّ، فقد كان أرسطو من أكثر المفكرين اليونانيين الذين استخدموا المنهج المقارن في دراساتِهِ الاجتماعيّة والفلسفيّة والسياسيّة، ثم تطور المنهجُ المقارن ليصبح جُزءاً لا يتجزأُ من الدراسات الاجتماعيّة والإنسانية بشكلٍ خاص، وذلك بعد أن أصبحت الدراسات المقارنة تستخدمُ في تعزيزِ مبادئ علم الاجتماع الديني. ولقد كان للعلماء والمفكريّن العرب المسلمين دورٌ كبيرٌ في تطوير هذا المنهج، ومن أشهر هؤلاء العلماء ابن خلدون والفارابي اللذان اعتمدا على المنهجِ المقارن في دراساتهما الاجتماعيّة. ومن شروط استخدام هذا المنهج ما يلي:

أ. أن يكون الهدف الحصول على نتائج حقيقية.

ب. من الضرورة بمكان ألاّ ترتكز المقارنة على حادثة واحدة.

ج. تجنب المقارنات السطحية التي تعتمد على الجدلية الكلامية.

د. أن تكون محددة ومقيدة بالزمان والمكان.

* المنهج التكامليIntegrative Method : تعتبر المنهج التكاملي القلب النابض للمسيرات التعليمية اليوم، وقد أصبح من أكثر المناهج فاعلية عن غيرها من المناهج للتغييرات التي طرأت في تطور مفعوم البحث العلمي. وقد كثرت الآراء والأفكار المطروحة لتحسين المناهج وتطويرها بشكل يساعد طلاب الدراسات العليا اليوم على مواكبة التطورات الفلسفية الحديثة في كشف الظواهر المختلفة في المجتمعات البشرية. ويقصد بالتكامل أي تكامل المعرفة ووحدة العلم، وإزالة الحواجز بين فروع المواد المختلفة وبناء أسلوب الترابط والتنسيق؛ لأن تجزئة المعرفة غير قابلة للتطبيق. كما أن استخدام المنهج التكاملي يتيح الفرصة للتفكير السليم والربط والتحليل والتحقق من صحة البيانات موضوع الدراسة، هذا إلى جانب إبراز وحدة الموضوع، وتجنب التكرار الذي ينشأ بين العلوم، كما أنه يوفر الوقت والجهد والمال. أيضاً يمتاز هذا المنهج بتحقيق مفهوم التكامل في المفاهيم التي يشوبها بعض الغموض. وعلى تفعيل الجانب الفكري والإدراكي، ونقل المعلومات والمفاهيم والمبادئ بأسلوب التفكير الانعكاسي، وتضمين المهارات العلمية من خلال تفعيل الجانب الانفعالي.

 

أسس كتابة البحث العلمي

كثيراً ما يحتاج الباحث إلى خطة واضحة لتنفيذ دراسته العلمية، وفي كلا الحالات يجب عليه الاهتمام بوضع النظم الصارمة التي تساعده في تنفيذ أدبيات دراسته، من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة، واكتساب المعارف والمهارات التي يمكن تحقيق تلك المتطلبات العلمية، والتي منها:

* ضرورة وضع خطّة عامّة للبحث العلمي يحتوي في العادة على قائمة من الأهداف العامة والخاصة، كما يحتوي على الوسائل والأساليب التي تنظم المحتوى بشكل جيد، أيضاً يجب أن يشير ضمناً أو صراحة إلى الإطار المنظم الذي يحدد أنواع التفكير الانعكاسي Reflective thinking.

* بناء الأسلوب الفكري الشامل الذي يحكم تناول الباحث للمشكلة من أول الاحساس بها، وتحديد صياغتها واستنباط فروضها، والوصول إلى النتائج وتفسيرها.

* ضبط الاتجاه الفكري للباحث إزاء المشكلة البحثية، ونظرته للملابسات المصاحبة للدراسة، ووعيه بتأثيرها المحتمل على النتائج التي يمكن التوصل إليها.

* الاعتماد على الخبرات التربويّة والاجتماعيّة والثقافيّة والفنّيّة في مجال تخصصه، بهدف اكتساب المعرفة العلمية.

* معرفة الأنشطة الأولية والثانوية التي تساعد الباحث في تحقيق أهداف رسالته.

* أن يمتلك الباحث الأمانة العلمية في النقل والاقتباس والإحالة(أخلاقيات البحث العلمي).

عناصر كتابة البحث العلمي

* اختيار موضوع الدراسة: إن اختيار الموضوع من أصعب المراحل الذي يمر بها الباحث، فلا عجب أن الأمر يتطلب الإعداد الجيد والقراءة المتأنية، والجهود المتواصلة لتكوين المعلومة الصائبة، فالبحث العلمي مسؤولية تتطلب من الباحث الأمانة العلمية في اختيار الموضوع محل التخصص، والأفضل في اختيار الموضوع أن يكون البحث نابعاً من الباحث نفسه، وبه يستطيع أن يبني الثقة بين ذاته والموضوع الذي اختير. لذا فإن اختيار الموضوع الدراسة يتطلب عقلاً مرهفاً وبصيرة واعية في الإدراك والإبداع والتفكير السليم، بل يعتمد على القراءة المتأنية مع الصبر والثقة في الذات. ويقول (Evan,1971:30)” أثبتت التجربة بين الطلاب بأن الذين يتوافقون إلى اختيار الموضوعات بأنفسهم يكونون أكثر تفوقاً ونجاحاً وسعادة من أولئك الذين يعتمدون على غيرهم في الاختيار”. ويستحسن في اختيار الموضوع تفادي الآتي:

  1. الموضوعات التي تشتد فيها الخلاف.
  2. الموضوعات العلمية المعقدة، والتي تحتاج إلى تقنية عالية.
  3. الموضوعات التي يصعب العثور على مادتها العلمية في المكتبات المحلية والإقليمية العالمية.

* اختيار العنوان: العنوان هو أول ما يلفت نظر القارئ، فينبغي أن يكون مبتكراً يعالج مشكلة من مشاكل المجتمع، ويفضل أن يكون مرناً ذات الطابع العلمي الهادئ والرصين؛ وليس له صلة بالموضوعات التي تم تناولها من قبل الباحثين الآخرين(أبو سليمان،1987م:31). وفي هذا السياق فإن المطلوب في البحوث العلمية أن تكون العنوان موضوعي ومنطقي، بحيث يمكن لكل قارئ متخصص أن يجد نفسه فيها، ويمكن أن يتم الاستشارة من الأساتذة الأكفاء لإبداء آرائهم ومقترحاتهم حوله، وهنالك من يرى أن عدد كلمات العنوان لا يزيد عن خمس عشرة كلمة في كثير من الأحيان في بحوث العلوم الإنسانية والاجتماعية؛ وبعض العلوم التطبيقية، لذا يجب الضبط الكامل من قبل المختصين حتى لا تكون هنالك ترهل قد يصعب التعامل معه عند الصياغة النهائية لموضوع الدراسة.

* المستخلص :Abstractالمستخلص هو بمثابة اختصار للأهداف الرئيسية للدراسة، على أن يذكر الباحث طرق الحصول على أهم النتائج والاستنتاجات، على ألا يزيد عادة على 150 أو 250 كلمة. وعليه أن يتجنب التكرار والاختصارات المبهمة مع ذكر المنهج.

المقدمة Introduction: تعتبر المقدمة هي بمثابة المرآة الأول للقارئ حيث يقدم الباحث كل أدبيات دراسته بصورة واضحة ومعمقة.

* مشكلة الدراسةThe problem of the study : تعتبر مشكلة الدراسة من المتطلبات الأساسية التي من أجلها يقوم الباحث اختيار موضوع دراسته، وهنا يطلب من الباحث دقة تحديد المشكلة حتى يستطيع تحقيق فروض بحثه، لأن المشكلة تنبع من أسباب اختيار موضوع الدراسة، والتي توضع في شكل أسئلة تساعد في مخاطبة جذور المشكلة، أو في تحقق الأهداف المرجوة. وهنالك طريقتان لصياغة المشكلة، أولاً: تصاغ المشكلة بعبارات تقريرية، مثلاً:” الصراعات والنزاعات القبلية وعلاقاتها في نشر خطاب الكراهية في المجتمع السوداني”، ثانياً تصاغ المشكلة في شكل سؤال موضوعي ومنطقي، مثلاً:” ما أثر القلق النفسي على التحصيل الدراسي عند طلاب المرحلة الثانوية”. لذلك فإن صياغة المشكلة في شكل سؤال تبرز بوضوح العلاقة بين المتغيرين الأساسيين في الدراسة، وتساعد في تحديد الهدف الرئيسي للدراسة، ويمكن أن يستدل ببيانات إحصائية تؤكد ضخامة المشكلة، وعلى منوالها ينتقل من الإجمال إلى التفصيل من خلال سرد الأسئلة الرئيسة والفرعية. وهنا يجب أن يراعي الباحث في صياغة المشكلة وضوح الصياغة ودقتها على أن تشتمل على متغيرات الدراسة الأساسية في وجود دلائل تأصيلية. وتعتمد كل تلك المعطيات على ضوء توفر البيانات والمراجع والمتطلبات المادية المتاحة لتنفيذ الخطة الدراسية، بعد التغلب على الصعوبات الموضوعية.

* أهمية الدراسة The importance of study: تُعبّر أهمية الدراسة عمَّا تحمله الباحث من بواعث يمكن أن تسهم في تنمية المجتمع البشري، وما تضيفه من أفكار جديدة تسهم في حل المشكلات الآنية والمستقبلية أو دراسة الظواهر الطبيعية من منظور ديموغرافي يحقق أهداف التنمية المستدامة.

* أهداف الدراسة Objectives of the study: تعتبر بناء الأهداف من العناصر الأساسية بالنسبة للإطار النظري في البحوث العلمية، وهي التي تكشف الأفكار الرئيسية للباحث، وتُعبِّر عن النتائج النهائية التي يمكن أن يتوقَّع الدارس أو الباحث الوصول إليها بنهاية دراسته، وهنا يجب أن تكون الأهداف موضوعية؛ وليست خيالية، وأن تكون مفهومة وواضحة من حيث الصياغة والضبط. كما ينبغي أن تكون الأهداف ذات صلة وثيقة بموضوع الدراسة، وقابلة للتطبيق على أرض الواقع.

* مناهج الدراسة of the study Curriculum: مناهج البحث العلمي هي بمثابة الإجراءات التي يتبعها الباحث في طريقة جمع المعلومات وتصنيفها من خلال استخدام الوسائل والأساليب الإحصائية في التحليل والتفسير والتأويل، وهي من أهم المكونات التي ينبغي أن توجد في الإطار النظري في البحوث العلمية.

* أسئلة الدراسة Study Questions: توضع أسئلة الدراسة عادة للحصول على إجابات منطقية للفروض، وتستخدم في البحوث ذات الطبيعة الوصفية، مثل أبحاث العلوم الإنسانية والاجتماعية. ويرى بعض الخبراء أن تساؤلات البحث هي بمثابة صورة أخرى معبرة لأهداف البحث، لذا نجد أن البعض من الباحثين يقومون باختزال أهداف البحث في التساؤلات، ولا يخصصون لها جزءاً مستقلاً(هوانة،1988م:32). وهنا يجب أن يمتلك الباحث القدرة والمهارات اللغوية الفائقة في صياغة الأسئلة بشكل تعبر من خلالها عن مشكلة الدراسة، وكثيراً ما يبدأ الأسئلة بالعبارات التالية: ما هي، هل، إلى أي مدى، كيف، لماذا…الخ. أي بدلالات استفهامية.

* الفرضيات Hypotheses: تعتبر الفرضيات بمثابة تنظيم جهود الباحثين لإيجاد العلاقة بين المتغيرات التي تعبر عنها الفرضية والإشارة إلى ما يجب فعله خلال مراحل البحث؛ خاصة الإجراءات التي تمكن الباحث من فهم المشكلة بوضوح أكبر، وتزويده بإطار مفاهيمي يستطيع من خلالها جمع وتحليل وتفسير البيانات عند استخدام الحزم الاحصائية المختلفة. وهنا يجب أن تكون الفرضيات واضحة وموضوعية، وقابلة للقياس، وأن تكون موافقة لأسئلة الدراسة. كما يمكن صياغة الفروض في صورة مقارنة بين أمرين، أو في صيغة شرطية مع وجود جواب الشرط، كذلك يمكن صياغتها بصورة تقريرية على أن تتضمَّن مجموعة من المتغيرات منها ما هو مستقل، ومنها ما هو تابع، بحيث يتم تتبعه أثناء جمع المعلومات وتحليلها؛ للتَّعرُّف على العلاقة المتبادلة بين المستقل والمتغير. وتمثل الفرضيات الأداة الفاعلة working instruments  في تطبيق المفاهيم النظرية التي يمكن اشتقاقها من النظريات المادية أو من فرضيات أخرى لها علاقة بالدراسة. وبناءً على تلك المعطيات فللفروض عدة أنواع منها ما يلي:

* فروض مباشرة: أي الفروض الموجهة التي تحدد العلاقة المتوقعة بين الفروق ذات الدلالات الإحصائية. وهنالك فروض غير موجهة، وهي التي لا يذكر فيها نوع العلاقة.

* * فروض غير مباشرة: وهي الفروض التي لا يحدد اتجاهاته.

* فروض صفرية: وهي فروض يشير إلى عدم وجود علاقة بين المتغيرات، مثال: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الذكور والإناث في تحصيل مادة الرياضيات، وهنا على الباحث أن يستخدم اختبار دلالة الطرفين في الكشف عن الدلالة الإحصائية.

 

الدراسات السابقة Previous studies: تعتبر الدراسات السابقة من أبرز عناصر الإطار النظري في البحوث العلمية، ويعتمد إليها الباحث للحصول على المعلومات التي تتعلق بدراسته، وليس من الضروري أن تؤكِّد كل الدراسات السابقة ما يصبو إليه الباحث، فمن الممكن أن تنفي ما يهدف إليه في طبيعة المشكلة محل الدراسة، كما أنها تُمثِّل التراث الفكري الخاص بجمع المعلومات والبيانات. ويقوم الباحث بالاطلاع على الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوعه من خلال الاستعانة بالرسائل التي تم مناقشتها؛ والموضوعة في المكاتب المركزية أو الثقافية أو المكتبات الإلكترونية … وغيرها.

المصطلحات Terminologies: تُعتبر كتابة المصطلحات الأساسية من الجوانب ذات الأهمية الكبيرة بالنسبة للبحوث العلمية، حيث يتمكن المطلعين على البحث من المتخصصين وغير المتخصصين من الإلمام بمضامين الرسالة؛ لذا فمن الضرورة بمكان أن يوضح الباحث تعريفاً مختصراً للمصطلحات التي يرى أنها غريبة نوعاً ما؛ أو غير مألوفة بالنسبة للقارئ؛ ويكون ذلك من خلال إثباتها في الهوامش الخاصة بصفحات الرسالة أو البحث.

حدود الدراسة The limits of the study: يقصد بحدود الدراسة الظروف الزمانية والمكانية لموضوع الدراسة فالباحث الحصيف يستطيع أن يحدد حدود بحثه، خاصة في الدراسات الوصفية والتاريخية التي تتعلق بالأحداث التاريخية، والنظريات التطبيقية.

مصادر الدراسة Study sources: تُعّد المصادر العلمية من أهم المقاييس في تقدير جودة البحث العلمي، فإذا كانت المصادر صادقة كان للبحث وزنه وقيمته العلمية(أمجد،2012م:49)، وهنا ينبغي على الباحث أن يدرك ليس كل كتاب مصدر، لذلك قسم العلماء المصادر إلى قسمين:

أ. المصادر الأساسية: وهي الوثائق الأولية المنقولة أو المكتوبة بيد المؤلف، أو عاش الأحداث والوقائع خلال تلك الفترة الزمانية أو المكانية.

ب. المصادر الثانوية: وهي المراجع التي تعتمد في مادتها العلمية أساساً على المصادر الأولية.

فالمصادر والمراجع هي مجموعة من الكتب التي يعتمد إليها الباحث في جمع المعلومات من باب الأمانة في النقل عن الغير، ويتم ذلك في المتن، أو في الهوامش أسفل كل صفحة، أو في نهاية البحث، ومن ثم يتم إدراج جميع المصادر والمراجع مُرتَّبة أبجديّاً في قائمة مستقلة في نهاية البحث أو الرسالة.

أدوات الدراسةStudy Tools : هي الآليات التي تساعد الباحث على جمع المعلومات والبيانات التي تتعلق بموضوع الدراسة، وعلى غرارها تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة. فالغرض الأساسي من استخدام الأدوات استنساخ نتائج يمكن أن تسهم في الإجابة على أسئلة الدراسة ايجاباً أو سلباً. وهنا يطلب من الباحث التأكد من أنه اختار الأسئلة الموضوعية في تحقيق فرضيات دراسته؛ بناءً على توفر مواد الدراسة المطلوبة.

* الاستبيان The Questionnaire: من أكثر الأساليب شيوعاً في جمع المعلومات العلمية في الدراسات الميدانية، وهو عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي دور حول موضوع البحث، يتم وضعها في استمارة ترسل لأشخاص بهدف جمع معلومات في فترة زمنية محددة، بحيث تحقق الأهداف الأولية للبحث. ومن باب اللزوم على كل باحث العمل على تصميم استبانة بصورة وافية واحترافية تشمل أسئلة الدراسة وفروضها، على أن تتميز الاستبانة بدرجة عالية من الصدق والثبات. ويقوم الباحث بمشاورة المشرف حول عناصر الاستبانة، بعد تحكيمها من قبل خبراء لهم دراية بمجال التخصص. حينها يبدأ الباحث في توزيع الاستبانة على أفراد مجتمع الدراسة وحسب العينة المختارة، ويمكن إدخالها على مواقع التصميم الالكتروني بحيث يزود الطالب برابط الموقع المخصص للاستبانة”أون لاين online” لتسهيل عملية توزيع الاستبانة؛ ومن ثم جمع البيانات التي توفر المعلومات اللازمة للتحليل والمناقشة، ومن ثم استخراج النتائج(Connelly,2006:38). وللاستبيان عدة أنواع، منها: استبيان يملأ بواسطة الباحث، بحيث يقوم بتوجيه الأسئلة لأفراد العينة مباشرة، ويسجل المعلومات على ضوء الإجابة التي ترد من المبحوث. ويرسل الاستبانة لأفراد العينة بالبريد العادي أو الالكتروني. وهنالك مؤشرات عامة يجب مراعاتها في تصميم الاستبيان منها: المظهر العام، وحجم الاستبيان، وترتيب الأسئلة، وتناسب الأسئلة مع الفرضيات، ومراعاة وضوح وسهولة الأسئلة، وارتباط الأسئلة بالأهداف الكلية للدراسة، والتدرج في الأسئلة من العام إلى الخاص. ومن ثم تُحلل البيانات ووضعها في رموز يمكن دراستها بسهولة. ومن أهم طرق تنفيذ الاستبانة، هي:

* المقابلة The Interview: وتعتبر المقابلة من أهم الأدوات التي يمكن استخدامها في جمع البيانات الأساسية التي تساعد في تحقيق أهداف الدراسات الميدانية، غير أن هذه الطريقة تحتاج إلى إعداد جيّد يتم صياغتها بحسب قواعد البحث العلمي، بمعنى وضع التساؤلات بحرفية عالية لمختلف التخصصات سواءً التربوية أو العلمية وغيرها باللغتين العربية والانجليزية. فالمقابلة الشخصية وسيلة من وسائل جمع المعلومات؛ وتُعرف بأنها:” محادثة بين شخصين أو أكثر”. ويرى البعض بأنها:” محادثة يقوم بها فرد مع آخر أو مع جمهور Population بهدف حصوله على معلومات تخدم البحث العلي، أو الاستعانة بها في علميات التشخيص والعلاج. أيضاً هي أداة من أدوات التقييم والعلاج النفسي Psychiatric. كما تستخدم في البحوث التربوية والإعلامية لجمع المعلومات والآراء والتعليقات لوصف ظاهرة معينة Description أو شرح وتوضيح Explanation. كما أنها قد تكون أداة لاكتشاف التوقعات المستقبلية Predictions.

* الملاحظة The Observation: تعتبر الملاحظة من الأدوات البحثية المهمة في إجراء البحوث التربوية التي تعتمد على الزيارات الميدانية، وهنا يجب على الباحث أن يمتلك القدرة على الملاحظة الفائقة، وعلى تحليل البيانات بصورة منطقية بعيداً عن العاطفة وحب الذات. فالأسلوب العلمي يعتمد على الملاحظة والوصف، لأنهما يهدفان للتعبير عن العلاقات القائمة بين مجموع الظواهر التي تعبر عن مشكلة الدراسة، لذلك فإن التعبير هو أساس الوصف. فإذا كان الوصف يمثل الوقائع المرتبطة بالظواهر الطبيعية، فمن الضرورة بمكان أن يعتمد على الملاحظة في كل مراحلها المختلفة. لذا يختلف الوصف العلمي عن الوصف العادي. فالأول لا يعتمد على البلاغة اللغوية، بل هو وصف فني يعتمد على قياس الجوانب المختلفة في الظاهرة، لذلك فإن القياس ما هو إلاّ وصفاً كمياً، يقوم على تحليل البيانات الإحصائية باختزال مجموعة كبيرة من المعلومات إلى مجموعة قليلة من الأرقام والمصطلحات الإحصائية(حسين،2000م:33). فالملاحظة من المقاييس الهامة في أدوات جمع المعلومات، وهي تقوم على أساس ترتيب الظروف ترتيباً معيناً منطقياً بحيث يمكن أن يساعد على تحديد العناصر الأساسية في الموقف المطلوب، وذلك من خلال ترك العناصر التي تكون بالصدفة. وهنا يجب على الباحث التأكد من صدق وثبات الملاحظة، حتى لا يخطئ في تحليل النتائج المرجوة، أيضاً عليه الابتعاد من العوامل الشخصية التي كثيراً ما تحدث بين المفحوصين، هذا بجانب تلافي نقاط الاختلاف إذا كان الموضوع يتعلق بالمذاهب الفكرية أو بالجوانب العقدية والسياسية. وعلى ذات النسق يجب أن يتصف الباحث بالمثابرة وقوة الملاحظة. ولا يمكن تحقيق تلك الغاية إلا إذا استخدم الباحث خاصية الملاحظة بصورة تحقق أهداف الدراسة بعيداً عن الدوافع الشخصية. وكثيراً ما يرتبط البحوث العلمية بالبحوث الكمية Quantities Research أو البحوث المعيارية Normative Research وعلى ضوء ذلك شاءت فكرة الاستبيانات التي تُعرف بالدراسات النوعية Qualitative Research أو البحوث التفسيرية والتأويلية Interpretative Research وهي التي تسمح بالشرح والتحليل على المتغيرات المختارة.

* التحليل الاحصائي Statistical Analysis: التحليل الاحصائي هو الأسلوب العلمي المعتمد في معظم الدراسات على اختلاف التخصصات، ويسعى الى تحويل البيانات الرقمية المُجمّعة إلى نتائج يسهل قراءتها وفهمها؛ فهو جُملة من العمليات التحليلية المترابطة، والتي تضمن الإجابة على الفرضيات، وتحويل المحتوى الرقمي إلى نتائج واضحة ذات معاني علمية. ويستخدم التحليل الاحصائي في معظم رسائل الدراسات العليا عن طريق تطبيق برامج متخصصة أهمها برنامج الرزم الاحصائية(SPSS) الذي يضمن الصحة والدقة بما يحقق فرضيات الدراسة، وتفسير نتائجها(النشار، بدون تاريخ:12). أيضاً تشمل إجراء التحليل الاحصائي على تفريغ البيانات التي تم جمعها؛ وترميزها، وعمل الاختبارات المطلوبة لإخراج النتائج ومناقشتها وربطها مع الدراسات السابقة، وتفسيرها لضمان إخراج نتائج موضوعية ومنطقية خالية من الأخطاء المنهجية والعلمية؛ والتي بدورها تساعد في تحقيق الأهداف الكلية والجزئية للدراسة؛ وفق الفروض والأسئلة الموضوعة.

النتائج: إن استخلاص النتائج هي بمثابة محاولة الوصول لمفاهيم ايجابية أو سلبية الغرض منها الإجابة على فرضيات الدراسة، أو وصف للتوجهات الرئيسية للدراسة. وكثيراً ما تعتمد النتائج على خلاصة المعلومات التي تم جمعها من قبل الباحث للإسهام بها في المعرفة العلمية، فمن الضرورة بمكان عرض تلك النتائج بناءً على أدبيات الدراسة. وهنا يجب أن تكون النتائج واضحة وميسرة حتى يستطيع القارئ معرفة الجيد من الدراسة دون كبير عناء أو مشقة.

المناقشة: تعتبر مناقشة النتائج ووصفها وتعزيزها؛ من أساسيات البحوث العلمية، والتي على منوالها يستطيع الباحث الإجابة على أسئلة وفروض الدراسة بصورة أكثر واقعية، ومعرفة أوجه الشبه والاختلاف بناءً على الدراسات السابقة التي تم ذكرها سابقاً؛ فعند تناول تحليل الأسئلة، يصبح من الأهمية بمكان طرح مناقشة النتائج بقوة من خلال الأدلة المعروضة. وهنا يجب أن يشير الباحث بإيجاز إلى نتائج دراسته لدعم ما تم ذكره من خلال تناوله في الجانب النظري.

الإحالة والهوامش: على الباحث الاستعانة بمصادر أولية وثانوية في دراسته، وأن يذكر المصدر أو المرجع الذي استقي منه المعلومات، وهنالك عدة طرق للإحالة. مثلاً: مدرسة علم النفس الأمريكي أي ما يعرف بنظام(هارفردAPS) تتم الإحالة داخل المتن مثلاً(خلود،1990م:24). وهنالك عدة أنظمة تتم الإحالة أسفل الورقة منها كل صفحة بهوامشه، والآخر هوامش متسلسلة ويوضع في آخر الصفحة. فإذا كان للمنشور باحثان اثنان، فيذكر لقب كل منهما في المرجع. أما إذا زاد عن اثنان، فيكتب “وآخرون” ‘et al’، وهو اختصار لتعبير لاتيني بمعنى ‘وغيره’. وأخيراً تدرج المصادر والمراجع مرتبة أبجدياً وبأرقام متسلسلة في آخر الصفحة. ويجب أن تحتوي قائمة المراجع على جميع المراجع المشار إليها في المتن؛ حيث يذكر كل بيانات المؤلف أو المؤلفين، وسنة النشر، وعنوان الورقة، واسم المجلة أو الكتاب، ومكان النشر بالنسبة للكتب، ورقم المجلد… وهكذا.

الملاحق: تحتوي الملاحق على معلومات أكثر تفصيلاً ويُدرج في الجزء الأخير من البحث أو الرسالة.

إعداد الجداول: إن إعداد الجداول بمثابة تفسير وتعليق لما ورد في البحث أو الرسالة، تحتوي على معلومات يستطيع القارئ من خلالها فهم ما هو موجود في المتن دون الرجوع مرة أخرى إلى النص. وعلى ضوءها يجب إحالة الجدول إلى مصدره الأساسي، وتنظيمه بشكل دقيق حتى يتمكن القارئ من معرفة العناصر المتشابهة من أعلى لأسفل، وفي كلا الحالتين يجب على الباحث أن يتجنّب تكرار البيانات نفسها في أكثر من صيغة واحدة.

إعداد الأشكال التوضيحية: على الباحث إدراج تعليق يصف الشكل التوضيحي الذي يوفر المعلومات الأساسية التي يساعد القارئ في تفسير الشكل التوضيحي دون الرجوع إلى النص.

 

خاتمة

أكدت الدراسة أن البحث العلمي هو المنبع الأساسي في حل المشكلات التي تواجه كل مجتمع على اختلاف البيئة والثقافة والفكر، والنمو الحضاري. وتختلف تطبيق المناهج من تخصص لآخر، فكل علم من العلوم يحتاج لمنهج معين في معالجة أوجه القصور التي تصاحب القضايا المعاصرة، وعلى ذلك تتعدد مناهج البحث العلمي في حياتنا العلمية والعملية. لذا فإن نشر الأوراق العلمية يمثل أهم الأنشطة العلمية للباحثين الأكاديميين أو لكونه من المعايير التي تُؤخذ بعين الاعتبار في ترقياتهم. وبالتالي أصبحت مع مرور الزمن كيفية كتابة الأوراق البحثية ونشرها من الأنشطة المصاحبة للتطورات والتحولات الحديثة في حقول المعرفة الإنسانية. كما أنّ تطبيق الجودة في نشر الأوراق العلمية من معايير الاعتماد للمؤسسات الأكاديمية والبحثية.

ومن أهم التوصيات، هي: ضرورة تكثيف وتفعيل جهود البحث العلمي في كافة التخصصات الإنسانية والعلمية المماثلة، مع تثبيت المفاهيم العلمية المتطابقة والمختلفة منها، كذلك ابتكار وسائل وأساليب حديثة في تطوير البحث العلمي، والاهتمام بالأبحاث التطبيقية والميدانية التي تهتم بالدراسات البينية، أيضاً تدريب وتأهيل الكوادر الأكاديمية والبحثية على استخدام الأساليب والوسائل الحديثة في كتابة الأوراق البحثية مع مراعاة خدمة المجتمع. أيضاً على الباحثين أن يكونوا على قد الثقة بأنفسهم في اختيار موضوعاتهم الدراسية، وأن يتحلوا بالصبر في جمع البيانات وتحليلها مع الامتثال لأخلاقيات البحث العلمي بكل أنماطه.

المراجع

أبو سليمان، إبراهيم عبدالوهاب(1987م)، كتابة البحث العلمي، دار الشروق جدة، ط3.

أحمد، غريب سيد(1993م)، تصميم وتنفيذ البحث الاجتماعي”، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية ط1.

أمجد، قاسم(2012م)، تعريف البحث العلمي وأهميته وأهدافه وخصائصه، موقع آفاق تربوية، ط1.

بدر، أحمد(1978م). أصول البحث العلمي ومناهجه وأركانه. وكالة المطبوعات الكويت، ط1.

بدوي، عبد الرحمن(1977م). مناهج البحث العلمي، وكالة المطبوعات، الكويت،ط1.

سكوت أرمسترونغ وسولبرغ الأقران (1968)، “في تفسير عامل تحليل”، نشرة العلوم النفسية، ط3.

شحاته، حسن(2001). البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق. مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة،ط1.

شلبي، أحمد(1976م)، كيف تكتب بحثاً أو رسالة: دراسة منهجية لكتابة البحوث وإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط1.

عميرة، إبراهيم بسيوني( 1991م )، المنهج وعناصره ، دار المعارف ، القاهرة، ط3.

فاطمة، وناس(2016)، مدخل الى منهج البحث العلمي” www.uobabylon.edu.iq.

فان دالين(2010م)، مناهج البحث في التربية وعلم النفس، ترجمة سيد عثمان. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة،ط1.

قلادة، فؤاد سليمان( 1976م )، أساسيّات المناهج، القاهرة، دار نهضة مصر،القاهرة،ط1.

قورة، حسين سليمان ( 1977م )، الأصول التربويّة في بناء المناهج، دار المعارف، القاهرة، ط5.

مجمع اللغة العربيّة ( 1989م )، المعجم الوجيز، دار المعارف، بيروت، ط2.

النشار، على سامي(1979م)، مناهج البحث عند مفكري الإسلام واكتشاف المنهج العلمي في العالم الإسلامي، دار النهضة العربية، بيروت، ط1.

Bailey, K, D, (1968). Method of Social ReResearchondon Collier, Macmillan.

Connelly, Paul. (2006) Definition of Religion and Related Terms Dawnstar Advanced Research Collaborative (DARC).

Essay (1916). Writing special study and this presentation. London.Ginn and Company.

Evan (1971). Planning SmallSeale Research.WinderN.F.

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *